وقد عرض ” بيتر بروكر ” نموذجاً وضّح فيه التناقضات مابين الحداثة وبين ما بعد الحداثة ، ففي الحداثة وجد : رومانسيّة رمزية – يقابلها فيما بعد الحداثة : فيزيقا داديّة . ويمضي فيذكر عدداً من التناقضات : الشكل متماسك مغلق / الشكل المضاد مفكك مفتوح الهدف / العبث التصميم الفني / الفرصة النظام / الفوضى اتقان وعقلانيّة / ارهاق الصمت تحفة فنيّة وعمل متكامل / تشغيل الأداء ، حدث فاصل / مشاركة ابداع ، جمال ، تركيب توفيقي / تفكيك ، هدم ، تحليل حضور / غياب تجميع / تفريغ الجنس الأدبي ، الحدود / نص ، نص داخلي دلالة / بلاغة كلمة / الجملة سكون / استطراد مجاز / استرسال اختيار / ربط جذر ، عمق / الساق ، السطح تفسير ، قراءة / ضد التفسير ، سوء القراءة مدلول / دآلة مقروء / مكتوب سرد روائي ، رئيسية / سرد روائي مضاد ، قصة فرعيّة قاعدة ثابتة / أسلوب تشخيصي مثال / متغير تناسلي ، ذكري / متعدد الأشكال ، مخنث هوس / انفصام الشخصيّة أصل ، عِلّة / تباين ، أثر الأدب / الروح القدس ماوراء الطبيعة / سخريّة حسم ، سمو / لا حسم ، ذاتيّة ونرى أن هذا التوضيح يقوم على التحليل الثنائي ، ويفترض أن مابعد الحداثة التي تنتمي إلى مابعد البنيويّة قد نحتها جانباً لقدمها ، كما أنه ليس من المعلوم يقيناً ما إذا كانت هذه المجموعة من التناقصات تعني أن مابعد الحداثة تحطِّم الحداثة ، أم تؤصلها ! وبدو اللاحسم في مابعد الحداثة وثيق الصلة بقوة الدفع التجديديّة ، لا سيما من ناحيّة الخيال ؛ ففيه دار جدل واسع ، وبعضهم صنفه أهم مكوّن للآداب الخالدة . يقول كولن ولسون : ( إن الخيال لدى كل كاتب يملك خيالاً مركزاً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمفهومه للقيم ) وقد وضع لاوازماً للقيم في الأدب : ( مقاييس قد يكون لها مضمون أوسع من مضمون القيم المرتجلة التي يعطينا إياها النقد الأدبي الذي ينبع من الطراز السائد . فإذا كان في الوسع اكتشاف قوانين عامة معيّنة أثناء البحث في الخصائص ، وعدم احكام مختلف التخيلات فإن هذه المحاولة تكون جديرة بالجهد المبذول )
* المعقول واللامعقول في الأدب – دار الآداب بيروت – ط ٦ – ٢٠٠٦م